بين البحر والجبل؛ كانت تقع مملكة بسكانها الذين لم يتجاوزوا السبعة آلاف وأرضها المحدودة التي لو قسموها علي أهلها؛ لم يكن الفرد فيهم لينال فداناً واحداً.. وكان لها ملك وقصر وحاشية ووزراء وقضاة وجيش؛ وضرائب ونادٍ للقمار كانت تكفي حاجة الملك وحكومته وجيشه وشعبه.
عاشت المملكة في أمان حتي وقعت جريمة قتل كان بطلها شخص غريب خسر نقوده في نادي القمار؛ ولما يئس من استعادتها قتل صاحب النادي. واجتمع قضاة المملكة ليقرروا بعد بحث طويل الحكم عليه بالإعدام. وذهبوا بالحكم للملك الذي صدق عليه.
ولكن كيف ينفذونه وليس بالمملكة مقصلة ولا جلاد؟! اجتمعوا وقرروا أن يرسلوا لملك فرنسا لكي يبعث لهم بمقصلة وجلاد، وجاء الرد: لامانع لدينا ولكن الثمن 16000 فرنك! الثمن غالٍ جداً. أرسلوا لملك إيطاليا وجاء الرد: لا مانع ولكن الثمن 12000 فرنك.
القاتل لا يستحق ذلك ابحثوا عن جندي أو جزار ينفذ الحكم ولو بسكين بارد، لم يوافق أحد علي التنفيذ ولو بـ500 فرنك! ولكن ما العمل؟ قرروا بعد اجتماع لساعات أن يبدلوا الحكم بالسجن المؤبد. ولكن أين يضعون القاتل وحارسه؟ اقترحوا مكانا بالقصر تحت أنظار الملك. ومر عام والقاتل وحارسه بالسجن؛ أرسل وزير المالية للملك كشفاً بمصروفاتهما. 750 فرنكاً في عام واحد! هذا فساد وإهدار للمال العام! اجتمعوا وقرروا صرف الحارس؛ وترك السجين بمفرده لعله يختار الهروب فيستريحوا من عبئه؛ لكن ذلك لم يحدث؛ فعندما استيقظ السجين ولم يجد حارسه؛ ذهب للمطبخ الملكي وتناول كل ما لذ وطاب؛ ثم عاد لمحبسه وأغلق الباب خلفه!
ماذا نفعل؟ اقترح وزير أن يعطوا للسجين معاشاً مدي الحياة؛ علي أن يترك المملكة نهائياً، وسيصله معاشه الي حيث يختار العيش.
السجين لم يعجبه هذا الحل لأن الملك ووزراءه قد شوهوا سمعته؛ فلم يعد له عيش في أي مكان بالكون.
اقترحوا عليه الزواج وترك المملكة، قال لهم: أتريدونني أن أترك سجني لسجن أشد؟! وفي القصة أنه اقترح أن يترك المملكة للأبد وبلا رجعة؛ بشرط أن يتوج ملكاً ولو ليوم واحد.
وعندما لبوا طلبه؛ كان أول قراراته أن يأتوا له بالملك؛ فلما أتوا له به؛ أمرهم أن يقبضوا عليه وينفوه لخارج المملكة. واستقر هو في الحكم؟!
------------------------
بقلم: خالد حمزة